استبداد من المهد إلى اللحد د. إبراهيم الديب

استبداد من المهد إلى اللحد
د. إبراهيم الديب

نقلاً عن جريدة المصريون بتاريخ 24 - 2 – 2009

الاستبداد الانسانى أشد وطأة من الوباء وأكثر هولا من الحريق وأعظم تخريبا من السيل وأذل لنفوس الأفراد من السؤال وهو داء إذا نزل بقوم سمعت أرواحهم هاتف السماء ينادي القضاء القضاء، الأرض تناجي ربها بكشف البلاء فكيف لا تقشعر الجلود من الاستبداد.
ما أشبه المستبد في إدارته بالوصي الخائن على الأيتام والمدير والمسئول سارق ومخادع ومراءٍ.
أشكال الاستبداد:
الاستبداد الادارى من الاب الى مدير المؤسسة ورئيس الجمهورية
- الاستبداد بالرأي وقهر واستبعاد وتجاهل آراء الآخرين.
- الاستبداد بالفكرة والتصور والنفاق وفرضها على الآخرين وقهر وتغييب فكرهم وتصورهم وثقافتهم.
- الاستبداد بالعمل بسلب حق وناتج عمل الآخرين.
- الاستبداد بإعزاز وتقدير الذات وقهر واحتقار وإذلال ذات الآخرين.
- الاستبداد بالتكبر على الآخرين.
آثار ونتائج ومفاسد الاستبداد:
1- على ذات المستبد أنه كلما زاد ظلما واستبدادا واعتسافا زاد خوفه من كل ما حوله وتظل تطارده الهواجس والخيالات المخيفة المرعبة.
2- يصيب العقول بالتجمد والخراب والسطحية والخور والضعف فلا فائدة منها ومن عملها.
3- يقلب الحقائق في الأذهان فيصيب الأفراد بحالة من التجهيل والغيبوبة عن الواقع.
4- يفسد أخلاق الناس ويرى فيهم الجبن والخوف والرياء والنفاق والكذب ويساعد على إشاعة الفاحشة.
5- يمرض النفوس ويفسدها فتفسد الأخلاق والمعاملات.
إذا رضي الأفراد بالذل أذلهم الله تعالى، وحرمهم حياة العزة والشرف حتى يأتي من يتألم من هذا الاستبداد ولا يرضى به ويعمل للإصلاح والتغيير
تطبيقات الاستبداد فى ثقافتنا العربية
ــ استبداد الأب فى تزويج ابنته رغما عنها لمن لا تريد ولا تحب
ــ استبداد الزوج مع زوجتها فى حياتهما الزوجية وسعيه باستمرار
لإلغاء شخصيتها وعدم الاستماع لها وفرض رأيه وقراراته عليها
ــ استبداد الأب على أبنائه وعدم الاستماع لهم او محاورتهم وفرض تصوراته الخاصة وشخصيته عليهم
ــ إستبداد المدرس مع طلابه
ــ إستبداد المدير مع موظفيه
ــ إستبداد الوزير مع عماله
ــ إستبداد الرئيس لشعبه
ولكل منهم صوره ومجالاته وأشكاله ومظاهره السلوكية وآثاره الوخيمة على الفرد والأسرة والمجتمع والأمة بأسرها
ويبقى أن أؤكد أن من تتربى نفسه على القهر والاستبداد فى منزله ومدرسته
لايرضى فقط استبداد مسئوله ورئيسه بل يستمرا الأمر حتى ترضى به نفسه ويكيف نفسه على ذلك فتتشوه بذلك النفوس البشرية وتضعف وتهين وتضيع
وفى دراسة خاصة قمت بها عن ممارسة الاستبداد
عبر هذه المستويات اوجز لكم نتائجها التى تكشف حقيقة المأساة التى نعيشها فى عالمنا العربى
السؤال حول مدى شعورك بالاستبداد وتغييب قدرتك على المشاركة فى صناعة القرارات وتحديد مستقبلك ومصيرك على هذه المستويات العمرية والنوعية .
ـ الفئة العمرية
ـ نشعر بالاستبداد ونتألم منه ونضطر لقبوله والتكيف معه
ـ لا اشعر بالاستبداد وامتلك الحرية الكاملة فى التعبير عن رأى وتنفيذه بحرية
1ـ زوجات مع الوالدين
نشعر بالاستبداد ونتألم منه ونضطر لقبوله والتكيف معه (من الوالدين ـ خاصة الآباء 45%)
لا اشعر بالاستبداد وامتلك الحرية الكاملة فى التعبير عن رأى وتنفيذه بحرية
(55 %)
2ـ زوجات مع أزواجهن
نشعر بالاستبداد ونتألم منه ونضطر لقبوله والتكيف معه (60%)
لا اشعر بالاستبداد وامتلك الحرية الكاملة فى التعبير عن رأى وتنفيذه بحرية
(40%)
3ـ طلاب مدارس ثانوية
نشعر بالاستبداد ونتألم منه ونضطر لقبوله والتكيف معه (من المعلمين 67%)
لا اشعر بالاستبداد وامتلك الحرية الكاملة فى التعبير عن رأى وتنفيذه بحرية
(33 %)
4ـ موظفين فى مؤسسات حكومية
نشعر بالاستبداد ونتألم منه ونضطر لقبوله والتكيف معه (83%)
لا اشعر بالاستبداد وامتلك الحرية الكاملة فى التعبير عن رأى وتنفيذه بحرية
(17%)
5ـ موظفين فى مؤسسات خاصة
نشعر بالاستبداد ونتألم منه ونضطر لقبوله والتكيف معه (73%)
لا اشعر بالاستبداد وامتلك الحرية الكاملة فى التعبير عن رأى وتنفيذه بحرية
(27%)
6ـ كمواطنين عاديين مع حكام دولهم
نشعر بالاستبداد ونتألم منه ونضطر لقبوله والتكيف معه (85%)
لا اشعر بالاستبداد وامتلك الحرية الكاملة فى التعبير عن رأى وتنفيذه بحرية
(15% واغلبهم تعامل بحذر شديد معي ويظنني أحد رجال أم الدولة)
آثار ونتائج ومفاسد الاستبداد:
6- على ذات المستبد أنه كلما زاد ظلما واستبدادا واعتسافا زاد خوفه من كل ما حوله وتظل تطارده الهواجس والخيالات المخيفة المرعبة.
7- يصيب العقول بالتجمد والخراب والسطحية والخور والضعف فلا فائدة منها ومن عملها.
8- يقلب الحقائق في الأذهان فيصيب الأفراد بحالة من التجهيل والغيبوبة عن الواقع.
9- يفسد أخلاق الناس ويرى فيهم الجبن والخوف والرياء والنفاق والكذب ويساعد على إشاعة الفاحشة.
10- يمرض النفوس ويفسدها فتفسد الأخلاق والمعاملات.
11- إذا رضي الأفراد بالذل أذلهم الله تعالى، وحرمهم حياة العزة والشرف حتى يأتي من يتألم من هذا الاستبداد ولا يرضى به ويعمل للإصلاح والتغيير.
ــ الآثار الخطيرة لهذه الآفة والظاهرة
على المديرين والمسؤلين ، وعلى الافراد العاملين ، وعلى حاضر ومستقبل هذه المؤسسات والمجتمع .
( يتم استعراض ذلك باستخدام رسوم توضيحية مبسطة باستخدام البور بوينت مع الالقاء تمكن المشاهد من سهولة استيعاب و فهم الموضوع ) .
آثار الاستبداد الإداري على كل من (المديرين ـ العاملين ـ بيئة العمل والمؤسسة)
أولا على المديرين:
1. يدفع المديرين إلى اتخاذ القرارات غير المدروسة بعناية، مما يزيد من مخاطر تعرضها للخطأ وعدم المناسبة.
2. انفراد المدير بتحمل كل تكاليف المخاطرة وخسائر القرارات غير المدروسة.
3. فقد حب واحترام المرؤوسين واستبدالها بمشاعر البغض والكراهية وتمني سرعة زواله بأي سبب وفي أسرع وقت.
ثانيا على العاملين :
1. ضعف مشاركة العاملين وقلة اقتراحاتهم.
2. ضعف ثقة الأفراد في أنفسهم.
3. نفور العامين من قيادتهم وتحقق عدم الرضا الوظيفي.
4. تفشي الكثير من الآفات الإدارية داخل الإدارة ( تملق المديرين ـ غياب الثقة ـ ضعف مستوى الأداء ـ جماعات المصالح .... ) مما يعنى تعقد و فساد العلاقات بين الافراد العاملين بالمؤسسة .
ثالثا: على العمل والمؤسسة
1. النظرة الفردية القاصرة المحدودة لجوانب ومحاور وآفاق العمل وإمكانية تطويره.
2. فساد البيئة الداخلية للمؤسسة (غياب روح الحب والتعاون وشيوع الفرقة والبغض وروح الأنا وكثرة النزاعات داخل المؤسسة).
3. قتل روح الابتكار وضعف فرص نمو الإفراد والمؤسسة بشكل عام
4. غياب القدرة على إعداد النائب.
5. اهدار طاقات وامكانيات المؤسسة باستهلاكها فى الصراعات والمشاكل الداخلية بالمؤسسة .
ــ الأسباب الرئيسية لانتشار هذه الآفة بل الظاهرة الشائعة فى مؤسساتنا العربية كما قرأنا عبر التقرير .
1 ـ الاعتقاد الخاطىء لدى الكثير من المديرين بان فتح المجال لمشاركة الافراد وممارسة بعض التفويض يضعف سلطة ونفوذ المدير.
2 ـ الخوف من نجاح المرؤسين وتفوقهم علي المدير، وحتى لا يلفت نظر الادارة العليا لغيره .
ولذلك عندما يضطر بعض المديرين لاشراك الآخرين او تفويضهم فانه يلجا الى اختيار المقربين منه
( من اهل ثقته ، لا اهل الخبرة والتخصص والكفأة ) ، اويلجأ لحيلة ماكرة بان يختار ويشارك ويفوض غير المؤهلين حتى لا ينجحوا ، فيؤكد رسالته للادارة العليا بانه الاوحد الذى لا بديل له ولا يمكن الاستغناء عنه .
3 ـ تعارض المصلحة الخاصة للمدير مع عملية المشاركة او التفويض ( حيث سيُحرم من بعض الامتيازات المادية والمعنوية التى كان يحظى بها ، كما ان ذلك قد يهدد موقعه فى المؤسسة .
4 ـ حب السلطة و الكلفة الكبيرة و المعاناة الكبيرة التى تكلفها فى السعى الحثيث اليها بكل الوسائل ، مما يجعله اكثر حرصا وتمسكا بها لآخر لحظة .
5 ـ الثقافة الخاصة بالمدير( ثقافة الاستبداد الموروثة فى المنطقة العربية عامة ) والتى يمكن ان يكون قد اكتسبها من رؤساؤه السابقين، او من مدرسيه ، او من والديه ، او من المجتمع عامة .
6 ـ قبول الافراد العاملين بهذا النمط الاستبدادى من مديرهم ، والرضا به واستمرآؤه مما يشجع المدير على الاستمرار بهذه الطريقه ، وربما يقنع نفسه ويتوهم بأنها الطريقة المثلى لقيادة مثل هؤلاء الافراد .
7 ـ ممارسة الادارة العليا لمثل هذا النمط من الادارة مع هذا المدير ، مما يجعلها طريقة مقننة بل وثقافة عامة للمؤسسة والمجتمع .
د / إبراهيم الديب
خبير تخطيط استراتيجة وتنمية بشرية