أما بعد :
هذا هو التشابه الدعوي بين فضيلة الشيخ كشك
وبين الأستاذ عمرو خالد
لو كان قدّر لك أن تزور القاهرة في السبعينيات من القرن الميلادي الماضي
وحالفك الحظ يوم الجمعة وأنت بأحد الأحياء الشعبية فإنك ربما كنت ستشهد موقفا يدعو للدهشة ؛ كنت سترى تجمعا ملحوظا لسيارات التاكسي ينادي سائقوها على المارة
: كِشك.. كِشك.. كِشك !
أي: من يريد أن يذهب إلى كشك؟
وبالطبع فإن "كشك" لم يكن اسما لمنطقة أو شارع وإنما للخطيب المعروف الشيخ عبد الحميد كِشك
الذي اكتسب شهرة كبيرة بخطبه الأسبوعية شديدة الجرأة ولهجة دارِجة يفهمها العامة.
لم يكن الشيخ كِشك خطيبا مفوها فحسب ، وإنما كان إضافة إلى ذلك مُعبرا جريئا عن حالة الإحباط التي سادت مصر بعد هزيمة 1967
تمكن الشيخ كشك من توظيف فترة انفتاح السادات كي يتكلم في كل شيء، وبإسقاطات سياسية لاذِعة لم تُعهد على رجال الأزهر منذ ثورة الضباط الأحرار في الخمسينيات
تكلم في التفسير والسيرة ، وتكلم أيضا في انحلال الممثلين والكُتاب ، وتكلم عن تطاول الرئيس القذافي على الخليفة عمر .
تحول اسم كِشك بخطبه التي ربت على 2500 خطبة جمعة ودرس إلى " إسم ماركة مسجلة " ذائِعة الصيت ، روجت لها أشرطة الكاسيت ، ملأت المنازل ، والسيارات ..
وروج له أيضا سائقوا التاكسي بندائهم الأسبوعي
كِشك.. كِشك.. كِشك !
في الثمانينيات مُنع كِشك من الخطابة بسبب حماسته الفوارة التي جعلته يقول كلمة الحق ولا يخشى لومة لائم ، وشعبيته التي بلغت حدا أقلق السلطة الجديدة ..!!
وتوفي كِشك في عام 1996 ساجدا لله عز وجل
غير أن ظاهرة دعايات سائقي الأجرة لم ترحل معه ...
ولو أنك زرت القاهرة مرة أخرى سنة 2002 ، أي بعد مضي أكثر من 30 سنة على صعود نجم الشيخ كِشك ، وكنت وسط أحياء الطبقة المتوسطة وحالفك الحظ فإنه كان من الممكن أن تشهد في يوم الثلاثاء وبعد صلاة المغرب مشهدا مثيرا لسائقي "الميكروباصات" وهم ينادون:
عمرو خالد.. عمرو خالد.. عمرو خالد..!
وهذه المرة "عمرو خالد" اسم ماركة معروفة ، ولكن ليس من خلال أشرطة الكاسيت فحسب ، وإنما عبر الفضائيات التي لم يحظَ بها الدعاة في السبعينيات وما قبلها ، مثل الإمام حسن البنا والشيخ سيد قطب والشيخ الغزالي والشيخ كشك وغيرهم ..
ومن السهل أن نستنتج أن الفروق بين الشخصين ، كِشك وعمرو خالد ، كانت شكلية ومختزلة في حسنات التكنولوجيا الجديدة ، فالأول أزهريا ضريرا والثاني "مودرن" حليقا..!!
لكن الفرق الأهم هي الفترة الزمنية التي لم تفصل بين الرجلين فحسب ، وإنما فصلت بين المصريين ومصر كذلك.
ومثلما كان خطاب الشيخ كشك يعكس حالة الإحباط و"أزمة الهوية" التي مرت بها مصر في السبعينيات
فإن العناية الربانية ، والمشاعر الإيمانية التي كانت تغمر
عمرو خالد بالإضافة إلى نجوميته التي بلغت الآفاق فضلا عن إمكانياته الشخصية ، كل هذا جعل لعمرو خالد شعبية قد تكون فاقت شعبية الشيخ كشك رحمه الله
وخاصة أن عمرو خالد أصبح داعية الأجيال
وقبل أن ننسي فكما منع كِشك من الخطابة ، فإن عمرو خالد قاموا بتخييره بين أن يقيم فى مصر بلا أي نشاط دعوي ، وبين أن يغادر مصر إلي مصير يجهله ..!
فإختار عمرو خالد الخروج من مصر فى نفس الليلة ، وسافر إلى لبنان ...
مقالة منقولة صاحبها هو
د. هشام العوضي
ونقلها لكم مع بعض التصرف
مع خالص الحب والتقدير
محمد نجاتي
رئيس هيئة الدفاع عن عمرو خالد
Email :
hafedelbanna@yahoo.com 0166641904